• ١٩ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٧ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

فصبرٌ جميل

حذيفة عبد المعطي

فصبرٌ جميل
    الصبر هو الرسالة التي تصل بصاحبها إلى درجات الناجحين، والطريق الذي في نهايته يلتقي الفائزين، فكم من ناجح أسرد لنا قصة نجاحه قائلاً: "إنّ حياته بدأت من الصفر وربما من قبل الصفر واصفاً هذه الحياة بالكفاح الذي كلّل بالنجاح في آخره".

البعض يعيش في معاناة وكفاح؛ ليس من أجل الثراء الفاحش، ولا الشهرة اللامعة؛ وإنّما من أجل البقاء والكفاح؛ فتأتي هذه الجهود الرائعة بنجاحات وانتصارات، وتحقيقاً لأهداف لامست خيالهم.

وتذكروا قول الله عزّ وجلّ: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) (التوبة/ 105).

وحينما نصل إلى ما نتمناه، ونحقق أحلامنا، نتذكر إرادتنا وعزيمتنا وثقتنا بالله.

قال تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ) (الشورى/ 43).

فالصبر رفيق لنا في رحلة الكفاح، الرفيق الذي لا يملّ لطول الطريق، والرفيق الذي لا ييأس من العثرات، الرفيق الذي لا يخشى المحاولة.

الرفيق العنيد؛ الذي يأبى الاستسلام...

وهنا نتذكر قصة سيدنا يعقوب (ع)، لما فقد ابنه "يوسف"؛ قال بلسانٍ يعبر عن صبر هو من أجل وأفضل أنواع الصبر قائلاً: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) (يوسف/ 18)، فوصف صبره بالجمال؛ لأنّ الصبر الجميل: هو الصبر الذي لا شكوى معه.

هذا النبيّ الكريم وفقه الله عزّ وجلّ ليكون مثالاً للنبيّ الصابر الذي يعرف نتيجة الصبر، وفي المرة الثانية قرن صبره بالرجاء قائلاً: (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا) (يوسف/ 83).

إخواني وأخواتي..

الصبر: هو الفرصة التي تمنحها لنفسك لتتأكد من أهمية حلمك أو هدفك وهو الفترة التي تسعى فيها بشتى الطرق إلى تهذيب هذا الحلم والهدف...

إنّ علامة النجاح أن تكون في كفاح، وتعيش في اجتهاد حتى تصل إلى الفلاح.

إنّ سُنّة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يأتي التمكين بعد الابتلاء...

وكان أعظم دليل على هذا تحقق هذه السُنّة مع أفضل الخلق سيدنا محمّد (ص)، ومع الأنبياء (عليهم السلام)... فهذا محمّد (ص)... ابتُلى في قومه وآذوه؛ فصبر فكان التمكين أن نشر الإسلام في كلّ الأرض.

-         وهذا نوح (ع) ابتُلى في قومه وظل يدعوهم 950 سنة ولم يؤمن معه إلّا نفر قليل.

-         وهذا النبيّ موسى (ع)، حُرم من أُمّه في المهد، فصبرت الأُم وشكرت؛ فعاشت معه في كنف قصر فرعون مصر بينما الأطفال يقتلون.

هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر فالأُمّة منذ خلق الله الأرض وهي في صراع نحو البقاء... ولكن ما أجمل البقاء في طاعة الله، ورضا الله سبحانه وتعالى، والكفاح من أجل النجاح الأكبر، والصبر من أجل الفلاح الأعظم (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران/ 133).

"الصبر على التغيير صبر"

"الصبر على الصبر صبر"

فلتجعل شعارك إذا أردت أن تحصل على أمنية غالية...

"الصبر لا مفر"

وإليكم هذه القصة..

ذات يوم، ذهبت الأُم (تريزا) إلى الخباز المحلي لتطلب منه خبزاً للأطفال الذين يتضورون جوعاً في دار الأيتام، كان الخباز قد ثار غضبه من الناس الذين يتسولون الخبز دوماً منه، لذلك فقد بصق في وجه الأُم (تريزا) ورفض إعطاءها أي خبز.

أخرجت الأُم (تريزا) منديلها بهدوء، ثمّ مسحت البصاقة عن وجهها، وقالت للخباز: "حسناً، هذا كان لي، والآن، ماذا عن الخبز للأيتام؟".

شعرَ الخباز بخجل شديد من ردّ فعلها، وأعطاها الخبز الذي أرادت.

"الإنسان الذي يمكنه اتقان الصبر يمكنه اتقان أي شيء آخر" (اندرو كارنيجي).

"نخلط كثيراً بين الصبر والانتظار، فالصبر لا يعني الجلوس ساكنين، بل يجب أن يواكب العمل الحثيث لتحقيق الأهداف المنشودة".

"الصبر والتحمل.. أوّل شيء يجب على الطفل تعلمه، وهذا هو أكثر شيء سيحتاج لمعرفته" (جان جاك روسو).

"كيف لمجتمع يعيش على البطاطس المهروسة، والحلويات المعلبة، والأغذية المجمدة، والصور الفورية، أن يعلّم أبنائه الصبر؟" (بول سويني).

 

المصدر: كتاب الكفاح بريد النجاح

ارسال التعليق

Top